مصنع الذكريات: عندما تصبح الذكريات سلعة رقمية

في مدينة افتراضية تحت الأرض، افتتحت أول “مصنع للذكريات” في العالم. هنا لا يتم تسجيل الماضي فقط، بل يُعاد إنتاجه وبيعه لمن يدفع. هل فقدتَ ذكرى طفولتك مع والدك؟ في هذا المصنع يمكنك أن تشتريها—بتفاصيل مصممة كما تريد، وبشعورٍ يلامس عقلك حتى تظن أنها حقيقية.
العملية: شراء ذكريات على الطلببمجرد أن تدفع، تدخل غرفة مجهزة بنظام هولوجرام متطور. يُعرض أمامك مشهد طفولي، صوت أمك وهي تضحك، أول يوم في المدرسة… تستطيع أن تختار مدة الذكرى، ألوانها، وحتى درجة الحنين فيها. الذكريات تُحمَّل إلى دماغك عبر واجهة عصبية متقدمة. تخرج من الغرفة وأنت تحمل في رأسك ماضٍ لم تعشه، لكنه أصبح حقيقيًا بالنسبة لك.

تحوّل الأمر إلى تجارة ضخمة. شركات تبيع “حزمة الذكريات المثالية” للسياسيين، أو الذكريات المؤلمة للمجرمين كنوع من العلاج أو العقاب. هناك حتى “سماسرة ذكريات” يبيعون تجارب فريدة مقابل مبالغ خيالية: أول قبلة، موت قريب، لحظة انتصار كاذبة… كله للبيع.
التداعيات الأخلاقية والنفسيةفجأة، أصبح لكل شخص ماضي يمكن تعديله وبيعه. مجرمون يشترون طفولة بريئة أمام المحاكم، وأثرياء يُهدون أبناءهم ذكريات لم يملكوها أصلًا. الجدل مشتعل: من يقرر ما هو حقيقي في حياتنا؟ هل نحن مجرد نسخة رقمية من “ذاكرة مؤجرة”؟
مستقبل بلا حقيقة؟
لم يعد السؤال “ماذا تتذكر؟” بل “كم دفعتَ لتتذكره؟”
مصنع الذكريات يهدد أساس كل حوار: الصدق، الهوية، وحتى الألم. إذا كان يمكن شراء الماضي، هل يظل للندم أو الفقد أو الحنين أي معنى؟